نهايات اللاعبين المحزنة- رحلة قصيرة، وشهرة زائلة، ومستقبل مجهول

المؤلف: سامي المغامسي11.27.2025
نهايات اللاعبين المحزنة- رحلة قصيرة، وشهرة زائلة، ومستقبل مجهول

كم من نجمٍ خبا بريقه باكرًا في ميادين كرة القدم، تاركًا وراءه حسرةً وأسى، ويا لها من نهاية بائسة! كيف انطفأت هذه الشعلة المتوهجة بهذه السرعة، بعد أن كانت أسماؤهم تتردد في كل مكان، داخل المستطيل الأخضر وخارجه، واليوم يعيشون على أطلال تلك الذكريات الجميلة، بل إن بعضهم يتحسر على الماضي، ويتمنى عودته، ولكن هيهات أن يعود الزمان القهقرى.

إن رحلة اللاعب في عالم كرة القدم قصيرة الأمد، فمتوسط عمره في الملاعب لا يتجاوز ثلاثة عشر عامًا، وقد تنتهي مسيرته قبل ذلك لأسبابٍ جمة، منها تراجع مستواه أو عدم اقتناع المدرب بإمكانياته.

لاعبون ذاع صيتهم في الآفاق، وبلغت شهرتهم أقصى مدى، لكنهم لم يحسبوا حسابًا لتقلبات الدهر، ولم يؤمنوا مستقبلهم من مفاجآت الحياة.

فانقضت رحلتهم في الملاعب كلمح البصر، وأصبحوا مصداقًا للمثل القائل "بيدي لا بيد عمرو"، في المقابل، نجد أن بعضهم قد استخلص العبر من تجارب من سبقوهم، وتمكنوا بحكمةٍ وروية من بناء مستقبلٍ زاهر وتأمين حياتهم بشكلٍ جيد.

البعض منهم أسدل الستار على كل ذكرياتهم الجميلة بنهايةٍ مؤلمة، والبعض الآخر استوعب الدرس جيدًا، بينما فشل آخرون في ذلك، وعاشوا في دوامة الفراغ والضياع، وانغمسوا في ملذات الترفيه السلبية.

لا أقصد هنا ذكر أسماء بعينها، ولكن هناك نماذج حية يعرفها المجتمع الرياضي بأكمله، ويعلم كيف آلت بهم الأحوال بعد انتهاء مسيرتهم الكروية.

إن اجتهادك ومثابرتك في العمل هما الضمان الأكيد لمستقبلٍ مشرق بإذن الله، خاصةً إذا كنت تمتلك الفكر النير والثقافة الواسعة والتحصيل العلمي الجيد، عندها ستتمكن من مواصلة المسيرة بعد الاعتزال بنجاح، وتخطط للمرحلة القادمة من حياتك سواء بالعمل مدربًا أو إداريًا.

هناك فئة من اللاعبين انقلبت حياتهم رأسًا على عقب بعد الشهرة والأضواء، وتبدلت أحوالهم تبديلًا جذريًا.

شتان بين لاعبي الأمس ولاعبي اليوم، فشتان بين العقود والمزايا المادية التي يحظى بها كل منهم، فلو عاد الزمن بلاعبي الأمس إلى عصرنا الحالي، لكان الأسطورة ماجد عبدالله، والنمر فهد الهريفي، والفيلسوف يوسف الثنيان هم الأغلى قيمة والأعلى أجرًا بين اللاعبين السعوديين، ويا له من زمنٍ صعب أن يجود بمثل هؤلاء النجوم في الملاعب السعودية، فالمواهب والنجوم في هذه الفترة تعاني من ندرة وشح غير مسبوق.

إن الكثير من اللاعبين والنجوم السابقين لم ينصفهم الحظ بعد نهاية مشوارهم الكروي، ولكن البعض الآخر استطاع بذكائه وجهده أن ينتزع حقه وينصف نفسه.

هل ما زلتم تتذكرون منتخب السعودية في كأس العالم 1994؟ ذلك الجيل الذهبي الذي يصعب تكراره، وسيظل محفورًا في ذاكرة التاريخ على مدى عقودٍ طويلة، وما زلنا حتى الآن نبحث عن جيلٍ مماثل له، وعن الأرقام القياسية التي حققها.

يتعين على اللاعب أن يستغل الفرصة المتاحة أمامه أحسن استغلال، وأن يعي قيمة الوقت، حتى لا يسرقه الزمن سريعًا ويغادر الملاعب، وينتهي به المطاف في طي النسيان.

تذكر دائمًا:

لا أحد سيتحمل مسؤولية حياتك سواك.

لا أحد سيراعي ظروفك أو ينقذك من محنتك.

لا أحد سيحدث تغييرًا إيجابيًا في وضعك الراهن.

لا أحد سيهرع لمساعدتك دون أن تبادر أنت أولًا.

طالما أنك لم تأخذ بزمام الأمور وتسيّر حياتك بنفسك،

فلن يكترث بك أحد.

لقد كبرت بما يكفي لتتخلى عن دور الضحية،

صحيح أنك لست مسؤولًا عما ألم بك من مصائب،

ولست مسؤولًا عن البيئة التي نشأت فيها، ولكنك مسؤول مسؤولية كاملة عن تقاعسك وعدم سعيك لتغيير واقعك، ومع هذا الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، وبات لدى الكثير من اللاعبين قنوات اتصال مباشرة مع الجماهير، يتحدثون فيها بما يشاءون، ولكن الأهم أن تدرك أن كل ما تبثه وتنقله عبر هذه الوسائل هو بمثابة سيرة ذاتية مختصرة عنك، ويمثل عنوانًا عريضًا وجزءًا لا يتجزأ من تربيتك.

لذا، يجب عليك الحذر الشديد من أن يتحول هذا المنبر الخاص إلى أداة لنشر الرسائل الخاطئة وفي غير موضعها المناسب.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة